منتدى كنيسة الملاك ميخائيل
أهلا وسهلا بك زأئرنا الكريم فى منتدى كنيسة الملاك ميخائيل
انت لم تقم بالتسجيل بعد . يسعدنا ان تقوم بالدخول او التسجيل
اذا رغبت بالمشاركة فى المنتدى
نشكر لك زيارتك لموقعنا أمليــن ان تساهم فى بناء هذا المنتدى...
الرب يبارك حياتك
منتدى كنيسة الملاك ميخائيل .نزلة اسمنت .ابوقرقاص . المنيا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى كنيسة الملاك ميخائيل
أهلا وسهلا بك زأئرنا الكريم فى منتدى كنيسة الملاك ميخائيل
انت لم تقم بالتسجيل بعد . يسعدنا ان تقوم بالدخول او التسجيل
اذا رغبت بالمشاركة فى المنتدى
نشكر لك زيارتك لموقعنا أمليــن ان تساهم فى بناء هذا المنتدى...
الرب يبارك حياتك
منتدى كنيسة الملاك ميخائيل .نزلة اسمنت .ابوقرقاص . المنيا
منتدى كنيسة الملاك ميخائيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هو قد فعل

اذهب الى الأسفل

هو قد فعل Empty هو قد فعل

مُساهمة من طرف رشاد حبيب الإثنين 20 يونيو - 12:21

هو قد فعل

ختام رائع لمزمور رائع؛ العبارة الأخيرة في هذا المزمور العظيم، إذ يقول الرب «يأتون ويخبرون ببره شعباً سيولد بأنه قد فعل».

عندما تُرجمت هذه العبارة في الترجمة السبعينية، ترجمت بذات الكلمة التي وردت في يوحنا 30:19 "تتلستاي Tetelestai " وتعني «قد أكمل»، وهي تلك العبارة التي نطق بها المسيح قبل أن ينهي حياته على الأرض. ونلاحظ أن المسيح لم يقل أنا انتهيت، بل أنا أنهيت. نعم لقد أكمل العمل. ولم تكن كلمته هذه قبل أن يسلم الروح، صرخة يأس أو أنة تحسر، كالتي ختم بها كثير من عظماء الرجال حياتهم، بل هي صيحة ظفر وصرخة انتصار.

يقول العارفون إن هذه العبارة على عهد المسيح كان يقولها العامل والتاجر والقائد والفنان. فعندما ينهي العبد عمله كان يخبر سيده بأنه أنجز المأمورية التي كلفه بها، مستخدماً هذه الكلمة بعينها تتلستاي. وكذلك كان يقولها التاجر عندما يسدد الحساب الذي يلزمه سداده، ويقولها القائد العسكري عندما يسير في موكب الانتصار، ويقولها الفنان عندما ينهي عمله الفني ويضع لمساته الأخيرة عليه. والمسيح كان هو العبد الكامل الذي مسرة الرب بيده نجحت (إش5: 10)، وهو التاجر الذي سدد كل ديون مفدييه، كما كان هو القائد الذي هزم الشيطان وسحق رأس الحية، وكان هو الفنان الذي أبدع عمل الخلاص العظيم. ولذلك فليس عجيباً أن يقول وهو فوق الصليب «قد أكمل».

لقد ألقينا في الفصل السابق سبعة أضواء على النتائج الباهرة لما فعله الرب، ودعونا الآن نلقي سبعة أضواء أيضاً على صفات ذلك العمل العظيم.

لكن قبل أن ننشغل بالعمل العظيم ذاته؛ أي بم تم، دعونا أولاً نسأل: من الذي فعل؟ ألعلنا نعرف شيئاً عن إمكانياته وقـدراته؟

يخبرنا الرسول في عبرانيين 1 أنه فعل أمرين:

أولاً: عمل العالمين

ثانياً: صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا

لقد عمل العالمين: ومن تكوين 1،2 نفهم أنه بعدما أكمل العمل رأى كل ما عمله فإذا هو حسن جداً. ولا عجب في ذلك لأن هذا عمل الله.. ونحن نقرأ أن «السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه» (مز19: 1). ويقول الرسول بولس «إن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات، قدرته السرمدية ولاهوته» (رو20:1). لقد عرفنا قدرة الله السرمدية ولاهوته عن طريق الخليقة. وعندما نرفع عيوننا، ونرى المصنوعات نقول «ما أعظم أعمالك يا رب. كلها بحكمة صنعت. ملآنة الأرض من غناك» (مز24:104).

لكن هذا الإله العظيم الذي عندما عمل العالمين لم يكلفه ذلك سوى كلمة «بالإيمان نفهم أن العالمين أتقنت بكلمة الله» (عب3:11). «بنفخته السماوات مسفرة» (أي13:26)، فإنه عندما عمل الخلاص، لم يكن ذلك بكلمة، بل صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا.

فإذا كنا نرى في عمل الخليقة روعة الله وعظمته، فيقيناً نتوقع أن نرى في عمل الفداء ما هو أعظم وأروع. إنه عمل عظيم، يكفي أن نقول عنه إنه عمل الله.

وسنتأمل في عمل الرب العظيم هذا من سبعة أوجه:

أولاً: عمل كامل

فطالما هو عمل الله فحتماً سيكون كاملاً. يقول موسى عن الله «هو الصخر الكامل صنيعه» (تث32: 4). فالله ليس كالبشر الذين عادة عندما يعملون عملاً لا يكملونه أو على أقل تقدير لا يهتمون "بتشطيبه". وما أكثر المشاريع العظيمة والكبيرة التي أنجزها الناس ثم تركوها دون اللمسات الأخيرة. أما المسيح فإن الإنجيل الذي يتكلم عن لاهوته (إنجيل يوحنا) يسجل شهادة ثلاثية عن إكماله العمل. ففي بدايته يرد قول المسيح «طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني، وأتمم عمله» (4: 34)، ثم قبل مضيه إلى الصليب، وبلغة الثقة قال لأبيه «العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته» (17: 4)، ثم من فوق الصليب قال «قد أكمل» (19: 30).

عند دخول المسيح إلى العالم يقول «هنذا أجئ لأفعل مشيئتك يا الله» (عب10: 5-9)، وفي ختام حياته قال: قد أكملـت!

وليس فقط المسيح لم يترك العمل ناقصاً بل أكمله، بل إن لاهوته أعطى قيمة غير محدودة لعمله. ولو لم يكن المسيح هو الله لما أمكنه أن يعمل العمل الكامل على الصليب.

يقول المرنم:

إذ أتى من عرشه
تم مسعاه هنا


لفدا الإنسان
كامل الإتقان

عندما يرسم الفنان لوحة، فإنه بعد وضع لمساته الأخيرة عليها، كان يقول «قد أكمل». وبذلك لا يجوز لإنسان أن يضيف شيئاً آخر، إذ أن أي إضافة عليها من شأنها أن تفسد وتشوه العمل الفني.

لو أننا تخيلنا إنساناً غنياً لكنه جاهل، امتلك بثرواته الطائلة لوحات أعظم الفنانين المشهورين، ثم ابتدأ يتأملها واحدة فواحدة، ثم أمسك بفرشاته وأخذ يجري بعض التعديلات التي اقترحها هو على تلك اللوحات. ما الذي يمكننا أن نتوقعه سوى أنه يفسد ويشوه تلك الأعمال الفنية العظيمة. لقد قال الفنان الأعظم بعد أن رسم لوحاته (تتلستاي). ولا يجوز إطلاقاً أننا نضيف شيئاً على عمل المسـيح.

ولتوضيح هذه الحقيقة يحكى أن صاحب مزرعة مؤمن، كان له صديق يعمل نجاراً، ولقد حاول صاحب المزرعة كثيراً أن يقنع صديقه النجار بكفاية عمل المسيح، دون جدوى. وفي يوم من الأيام طلب صاحب المزرعة من صديقه أن يصنع له بوابة خشبية كبيرة لباب المزرعة. ولكونه صديقه وأيضاً نجاراً ماهراً صنع له بوابة رائعة أظهر فيها كل مهارته وفنه، وبعد أن أكمل صنعها، حملها على العربة وذهب بها فخوراً سعيداً كي يركبها بنفسه في موضعها. غير أنه بعد أن ثبتها في مكانها فوجئ بصاحبه يقول له: صحيح البوابة جميلة إلا أنه يوجد جزء يحتاج إلى تعديل، دعني أحاول أن أعالجه بنفسي. وإذ أمسك بيده أزميلاً وشاكوشاً، فإن النجار حاول أن يفهمه أنها ليست في حاجة إلى أي تعديل من أي نوع، فهو صنعها متقنة. لكن الصديق لم يقتنع، بل أمسك بشاكوشه وأزميله وشرع في تعديلها كما استحسن، فصرخ النجار بغضب: احذر؛ فأنت بذلك ستتلف عملي الذي بذلت فيه جهدي وأظهرت فيه روعة فني. وهنا قال له صاحب المزرعة هذا ما كنت أريد أن أوضحه لك من زمن طويل وأنت لا تريد أن تقتنع. فعندما تضيف شيئاً على عمل المسيح المتقن، فأنت بذلك تتلف عمله.

إن المسيح لم يترك شيئاً ناقصاً كي ما نكمله نحن بأعمالنا، بل إنه هو الذي بدأ العمل وهو الذي أكمله. لقد وفي الدين كاملاً واحتمل كل الآلام لأجلنا على الصليب.

ثانياً: عمل أبدي

قال الحكيم «قد عرفت أن كل ما يعمله الله أنه يكون إلى الأبد. لا شيء يزاد عليه ولا شيء ينقص منه» (جا3: 14). فعمل المسيح إذاً يثبت إلى الأبد، وآثاره أيضاً تبقى إلى الأبد. يقول الرسول في الرسالة إلى العبرانيين «وأما هذا فبعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله، منتظراً بعد ذلك حتى توضع أعداؤه موطئاً لقدميه، لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين» (عب12:10-14). في هذه الآيات وردت عبارة «إلى الأبد» مرتين. المرة الأولى : «جلس إلى الأبد»، والمرة الثانية «أكمل إلى الأبد المقدسين».

في مفارقة مع هذا نحن نعرف أن الهيكل قديماً لم يكن فيه كرسي، لأن العمل في ذلك الوقت لم يكن كاملاً. أما المسيح فبعد أن أكمل العمل جلس، وكان جلوسه إعلاناً لكمال عمله. فهل يمكن لواحد أن يقول للمسيح قف، لا تجلس، لأن عملك ناقص ؟! حاشا. وكما أن المسيح جالس إلى الأبد لأن عمله كامل، فإن كل مؤمن هو أيضاً كامل نتيجة عمل المسيح هذا. وما أقوى الحق المتضمن في هذه الآية؛ لقد جلس المسيح إلى الأبد، لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين

نعم سيظل الصليب قوياً في تأثيره، دائماً في فاعليته مهما تقوَّل المتقولون. إنه عمل أبدي لا يتكرر. آه، ما أخطر هذا الذي وقعت فيه المسيحية الاسمية عندما أنزلت عمل المسيح الكامل الذي لا يتكرر مطلقاً إلى ذبيحة تتكرر مرات بلا عدد. ليتهم يستفيقون ويرجعون للحق، فالكتاب المقدس واضح جداً في هذا الأمر؛ أن المسيح بعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد. إن عمله لا يتكرر مطلقاً، لأنه « ليس بدم تيوس وعجول، بل بدم نفسه، دخل مرة واحدة إلى الأقداس، فوجد فداء أبدياً» (عب9: 12).

قال أحدهم، وعنده كل الحق في هذا، إنه لو كنا نحن الذين ذهبنا إلى جهنم لنوفي الله حقه علينا، لما أمكننا في يوم من الأيام، مهما مر علينا من سنين أو قرون، أن نقول «قد أكمل».. أما بديلنا الكريم العظيم فقد وفي الله من فوق الصليب كل ديوننا.

ثالثاً: عمل حكيم

يقول المرنم في المزمور «ما أعظم أعمالك يا رب، كلها بحكمة صنعت» (مز104: 24). ونحن إن كنا نرى جانباً رائعاً من حكمة الله في الخليقة، فإن الصليب يظهر تلك الحكمة بصورة أعظم.

حقاً لو أننا تأملنا جانباً من الحقائق الخاصة بالفلك مثلاً؛ بالمجرات والنجوم الهائلة في مداراتها، ببعد الأرض عن الشمس، وبعد القمر عن الأرض، وكيف لو تغيرت هذه المسافات ولو واحداً في المئة لاستحالت العيشة على كوكبنا هذا، لاشك أننا سنقول «الرب بالحكمة أسس الأرض، أثبت السماوات بالفهم» (أم3: 19). ولو تأملنا في جسم الإنسان ودقة خلقه وتكوينه فإنه حتماً سيأخذنا العجب كله، وسنقول مع المرنم «أحمدك لأنك صنعتني بإعجازك المدهش» لكن ما نراه من حكمة الله في الخليقة شيء، وما نراه من حكمة الله في الصليب شيء آخر تماماً.

إننا هنا نتذكر ما سجله الحكيم في سفر الجامعة «هذه الحكمة رأيتها أيضاً تحت الشمس وهي عظيمة عندي. مدينة صغيرة فيها أناس قليلون. فجاء عليها ملك عظيم وحاصرها وبنى عليها أبراجاً عظيمة. ووجد فيها رجل مسكين حكيم، فنجى هو المدينة بحكمته» (جا9: 13-15). لا شك أن هذا الرجل المسكين نفسه هو الذي يقول في مزمورنا «لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين». إنه ربنا يسوع المسيح، الذي ليس بالقوة خلص العالم، بل بهذا العمل الحكيم الذي أتمه على الصليب.

إن هذه الحكمة العظيمة قد خفيت على الشيطان نفسه، إذ كان في الصليب خلاصنا كما كان فيه سحقه.

لقد جاء الإعلان في الجنة بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية. ولقد جاء المسيح، نسل المرأة، وأعلن فوق الصليب «قد أكمل»، فتم سحق رأس الحية. لقد تمت كفارة الخطايا في الصليب ، فسقط من يد الشيطان ذلك السلاح الذي كان دائماً يشهره في وجوهنا، وبالموت أمكن للمسيح أن يبيد ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية (عب2: 14،15). «فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله .. . لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة، وأما للمدعوين؛ يهوداً ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله» (1كو1: 18-24).

في الصليب «الرحمة والحق التقيا، البر والسلام تلاثما» (مز85: 10). لقد التقت في الصليب رحمة الله مع حقه. وبذلك فقد تجلت حكمة الله في الصليب.

يا عجباً من حكمة
وفيت حق العدل والـ


تنوعت فيك بدت
نعمة لنا أظهرت

****

رابعاً: عمل بار

قال أفلاطون أحد حكماء الإغريق: أنا أعلم أن الآلهة بوسعها أن تبرر الإنسان إذا أرادت ذلك، أما كيف تبرر فأنا لا أعرف، ولا أعرف أيضاً على أي أساس يكون هذا التبريـر.

لكن ما لم يعرفه حكيم الإغريق القديم نعرفه نحن لأن الصليب أظهره بوضوح، ولأن رسالة رومية شرحته بوضوح. نعم الكتاب المقدس وحده استطاع أن يقدم حلاً باراً لمشكلة الخطايا يليق بالله. صحيح أن الله رحيم وغفور، لكن كيف يرحم وعلى أي أساس يغفر؟!

هناك عدالة عند البشر وهناك قوانين، وما يميز الدول المحترمة عن المتخلفة هو إلى أي مدى تحترم تلك الدولة القوانين وإلى أي مدى تلتزم بها. فهل تظن أيها القارئ العزيز أن يكون الله أقل احتراماً للقانون الإلهي، الذي شرعه هو، من احترام الناس لقوانينهم الوضعية؟! هذا هو المحال بعينه. لا مجال على الإطلاق للظن أنه يمكن تغيير قوانين الله أو المساس بعدالته.

إذاً كيف يتبرر الإنسان عند الله وكيف يزكو مولود المرأة؟ هذا ما حيَّر أيوب فقال «إن شاء أن يحاجه لا يجيبه عن واحد من ألف» (أي9: 3). بمعنى أن الرب لو استعرض أمامي ألف خطية من خطاياي الكثيرة، وطلب مني أن أبرر نفسي ولو في واحدة، فلن أقدر. لذلك قال أيوب أيضاً «أنا مستذنب فلماذا أتعب عبثاً؟ ولو اغتسلت في الثلج، ونظفت يدي بالأشنان، فإنك في النقع تغمسني حتى تكرهني ثيابي» (أي29:9-32). وهو نفس ما عبر عنه داود النبي فقال للرب «لا تدخل في المحاكمة مع عبدك فإنه لن يتبرر قدامك حي» (مز 143: 2)، ثم أكده بعده إشعياء إذ قال «قد صرنا كلنا كنجس وكثوب عده كل أعمال برنا» (أش6:64).

لكن الله كان عنده طريقة بها يخلص الخاطئ. ففي الصليب أمكن لله أن يكون باراً، ويبرر من هو من الإيمان (رو3: 26) ذلك لأن الله «جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه» (2كو5: 21).

قد رأينا في الصليب
إذ بدا أمر عجيب


قوة الرحمان
فدية للجاني

إنه عمل برر الأثيم وبرر الله . الأثيم الجاني وجد براً دون أن يتعارض ذلك مع بر الله ، من أجل ذلك فإنهم سوف يخبرون ببره.

ما الذي فعله بولس وهو فريسي؟ إنه عمل أموراً كثيرة وممدوحة من البشر، قال عنها «من جهة البر الذي في الناموس بلا لوم» (في 3: 6) لكنه اكتشف أن الذي عمله وأوصله إلى أن يكون أول المبررين بالناموس، هو بذاته الذي جعله أول الخطاة!

وهو نفس ما سيكتشفه إسرائيل في المستقبل، لأنهم حتى اليوم لم يدركوا بر الله. بل لا زالوا إلى الآن يسعون وراء بر من إنتاج الناموس. ولكننا نشكر الرب إذ لنا أن نقول مع الرسول بولس «ليس لي بري الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح البر الذي من الله بالإيمان» (في3: 9)، وأيضاً «متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح» (رو3: 24).

خامساً: عمل مؤثر

وهذا واضح من الآية التي وردت في سفر الجامعة 3: 14، والتي سبق لنا التأمل فيها. إذ يقول سليمان الحكيم «قد عرفت أن كل ما يعمله الله أنه يكون إلى الأبد، لا شيء يزاد عليه ولا شيء ينقص منه وأن الله عمله حتى يخافوا أمامه» أي لكي يتقوه. إن الله عمل هذا العمل، الذي لا شيء يزاد عليه ولا شيء ينقص منه، والذي يكون إلى الأبد، لكي يخافوا أمامه. فنتيجة هذا العمل هو التقوى.

نتذكر أنه عندما كان المسيح على الصليب وكان اثنان مذنبان مصلوبين معه، ظهرت بشائر نتائج هذا العمل الذي عمله الله، في ذلك اللص الذي صرخ إليه تائباً. وربما لا توجد صورة لعمل النعمة العجيب وللتغيير الفجائي السريع أوضح ولا أروع من تلك التي نراها عندما كان المسيح يقاسي تلك الآلام التي يحدثنا عنها هذا المزمور. فبينما كان المسيح مصلوباً إذا بنعمة الله تعمل في قلب واحد من اللصين اللذين صلبا معه. ونحن نعرف أن اللصين كانا في البداية يعيرانه. لكن النعمة وصلت إلى أحدهما، فانتهر زميله قائلاً له هذه الكلمات العجيبة «أولا أنت تخاف الله؟».

عجباً؛ أتستطيع نعمة الله في وقت مثل هذا، ومع شخص مثل هذا، وفي ظروف كهذه أن تنتج من إنسان أثيم مخافة الله؟! تلك الظروف التي فيها كل تلاميذ المسيح هربوا، وكان المسيح فيها في مشهد الهوان والضعف؛ لا يعمل معجزة، ولا يعظ عظة، بل كان معلقاً مصلوباً كمذنب مدان.

لعل اللص شده أن يرى في المسيح أكمل مثال للأخلاق النبيلة في مواجهة مع أبشع الصفات وأحط المبادئ الحقيرة، مما جعله يقر بأن المسيح لم يفعل شيئاً ليس في محله. لكن العمل نفسه قاده إلى ما هو أعمق؛ «أولا أنت تخاف الله؟» نعم فإن الله عمل هذا العمل حتى يخافوا أمامه. وهكذا يستطرد اللص قائلاً لزميله «أولا أنت تخاف الله .. أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا، أما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله» (لو23: 40،41).

ومن وقتها فإن ما لا يحصى من الملايين في كل بقاع الأرض امتلأت قلوبهم بمخافة الرب عندما رأت عيون إيمانهم المسيح المصلوب، وهو يقوم بهذا العمل الذي عمله الله حتى يخافوا أمامه!

سادسا: عمل ممدوح

يقول عنه المرنم «أحمدك إلى الدهر لأنك فعلت» (مز52: 9). إنه حقاً عمل عظيم. نتذكر أنه عندما كان نحميا يبني سور أورشليم، وقال له بعض أعدائه «هلم نجتمع معاً» أجابهم نحميا بالقول «إني أنا عامل عملاً عظيماً فلا أقدر أن أنزل» (نح6: 2،3). هكذا أيضاً تحدوا المسيح وهو على الصليب قائلين له «إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب» (مت40:27). وكأن المسيح رغم أنه لم يجبهم يقول لهم بلسان الحال نفس كلمات نحميا «إني أنا عامل عملاً عظيماً فلا أقدر أن أنزل». حقاً ما أعظم هذا العمل. وهكذا سنظل إلى كل أجيال دهر الدهور نذكر ذلك العمل، ونحمد صاحبه لأنه فعل.

إنه عمل لن ينسى مطلقاً. وكما أن الصديق (المسيح) يكون لذكر أبدي (مز112: 6)، هكذا عمله الكريم سيكون لدور فدور، وستردد الأبدية صدى هذا العمل الكريم!

ونلاحظ أن المسيح عندما كان على الصليب هو قال «قد أُكمل»


مبني للمجهول

وفي آخر هذا المزمور هم سوف يخبرون «بأنه قد فعل»


صيغة الغائب

لكننا عندما نصل إلى الأبدية سنقول نحن له «مستحق أنت، لأنك ذُبحت..»


صيغة المخاطب

سابعا: عمل مذاع

إنه عمل يشهد له كل من استفاد به. فيقول «يأتون ويخبرون ببره شعباً سيولد بأنه قد فعل».

ولقد أعطانا الرب أيضاً وسيلة مباركة لكي نخبر بها عما فعله الرب لأجلنا، فيقول الرسول بولس «لأنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء» (1كو11: 26). فهل نحن حريصون على اجتماع الذكرى المبارك هذا؟ هذا الاجتماع الذي يذكرنا بما سوف نفعله لإكرام اسم المسيح طوال الأبدية، لكننا كأننا نسبق الزمن، ونكرم الرب وسط مشاهد البغضاء والكراهية في هذا العالم نحوه.

لكن هناك فكراً آخر متضمناً في هذه الآية العظيمة. ونلاحظ أن المسيح في ع22، بمجرد أن قام من الأموات، فقد حضر هو في وسط الجماعة (الكنيسة) وخبرهم باسم أبيه، والآن في ختام هذا المزمور يقول إن واجب كل الذين استفادوا من عمل المسيح وإتيانه إلينا حاملاً بشرى السلام العجيبة (أف2: 18) أن يذهبوا هم أيضاً حاملين ذات البشرى للآخرين، وما أجمل أقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات (رو10: 15).

نعم، ما أجمل أن نذهب ونخبر البؤساء الحيارى، الذين يريدون بإخلاص أن يرضوا الله ولا يستطيعون؛ أن نقول لهم استريحوا تماماً على عمل المسيح في الجلجثة، فهو قال «قد أكمل»، والله شق الحجاب، بل وأقام المسيح من الأموات.

أيها الخطاة الذين تسيرون بخطى ثابتة إلى جهنم، عندي لكم بشرى عظيمة؛ لقد مات المسيح لكي يفديكم، وإذ قام وصعد إلى السماء فقد أرسل من هناك الروح القدس لكي يعلن «كل من يدعو باسم الرب يخلص» (أع2: 21، رو10: 13).

يا من تريدون أن تفعلوا شيئاً لتقبلوا بواسطته عند الله، أبشروا، فالمسيح قد فعل. وكل ما كان يطلبه الله منكم وفّاه المسيح نيابة عنكم. إن صلواتكم وعهودكم وذهابكم إلى أماكن العبادة لا يمكنها أن تضيف شيئاً لعمل المسيح الذي أُكمل على الصليب. لقد اكتفي الله، أفلا تكتفي أنت أيها الإنسان المسكين المتعب؟!

يقول الرسول بولس «إذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه» (2كو 5: 20،21). إن كل من اختبر عمل الله العظيم في الفداء عليه مباشرة أن يذيع هذا الخبر.


« فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره؟ » (عبرانيين2: 3).




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
رشاد حبيب
رشاد حبيب

ذكر
عدد المساهمات : 184
تاريخ التسجيل : 31/01/2010
العمر : 45

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى